الحاله الحرجه للمدعو ك

الحاله الحرجه للمدعو ك روايه للكاتب السعودى عزيز محمد, تعد رواية الحاله الحرجه للمدعو ك من الروايات  الكابوسيه السوداويه وتعتبر نقله للأدب العربي عامة والسعودى بشكل خاص.

تسرد الرواية أحداث ٤٠ أسبوعا في حياة شاب يعاني من عزلة عاطفة تامة. يسود الجفاء علاقاته بأفراد أسرته، كما يسود التبلد علاقته بزملائه في العمل. لا يوجد تواصل حقيقي بينه وبين الآخرين. يسايرهم فقط ليتخلص من إزعاجهم أو ليحصل على ما يحتاجه منهم ثم يعود إلى عزلته، التي يفضلها على صحبتهم. نادرا ما يتحدث مع الآخرين لكنه يحدث نفسه عنهم دائما، يسخر منهم ومن نفسه ومن كل شيء.

السخرية هي الدواء المُسكن الذي يخفف من وطئة حالته العاطفية الحرجة، والأدب هو الشيء الوحيد الذي يشعر بالانتماء إليه. دائما يقارن أو يشبه نفسه بشخصية روائية. يبدو أن علاقاته بالشخصيات التي يقرأها في الروايات أفضل من علاقاته بالأشخاص الحقيقين في حياته. يدرك ذلك ولا يحاول تغيره. يصف حالته مع والدته (علاقتي بها لطالما شابها شيء من الانتقاد المتبادل) ويقول عنها أيضا (كانت تعبّر عن قلقها تجاهي بالتحقير، وكنت أبادلها الإزدراء لذات الدوافع. كلانا كانت تعوزنا الرقة).

يتعامل مع الحياة بلامبالاة ليس لديه هدف محدد يسعى إليه. لا يحب تخصصه الجامعي مع ذلك اختاره ليضمن دخلا ثابتا، يصف حالته في وظيفته (ماذا يرغب المرء أكثر من أن يكون مرغوبا في سوق العمل؟ على المرء أن يكسب قوته بطريقة ما، والشباب يعاني من البطالة، والبيت يحتاج إلى الراتب، وهل أنت أفضل من كافكا؟).

يشعر بِوَحشة تجاه الأماكن أيضا، يصف الشركة التي يعمل فيها (الواجهة الزجاجية العالية تسرب ضوء الشمس بكميات كبيرة، وفوق هذا ثمة لمبات إنارة داخلية ساطعة، تتداى بحبال على مستوى يعلو فوق الرؤوس بقليل، كأنما لتطارد كل بقايا الظلال. ليس ثمة مقاعد ولا حتى أماكن لائقة للوقوف، فقط أعمدة رخام ضخمة تلمع بانتظام. أما السقف فيمتد مرتفعا للأعلى، على بعد مبالغ فيه. تشعر من ارتفاعه الهائل، ومن خلو المكان من أي محتويات تقف إلى جانبك، كأن المكان قد صمم بحيث يبدو الإنسان أتفه شيء فيه).

يبقى منعزلا عن الآخرين حتي وهو معهم، يصف حالته مع زميله الذي يشاركه مكتبه في العمل (على نحو صامت وبسيط أشعر بأن وحشة أحدنا مرآة لوحشة الآخر).

دوما يلجأ للخيال ليتعايش مع الواقع، في أحد الاجتماعات يؤلف قصة قصيرة يسمي بطلها المدعو ”ك“ يقول لنفسه (لعلي أسمي ذلك المدعو” ك“ أيضا، وليغفر لي كافكا. أما القصة ففكرت بتسميتها ”قاعة المؤامرات“ كتحوير لمصطلح ”قاعة المؤتمرات“، أو شيء أبله كهذا).

تتدهور حالته الصحية بالتدريج وتظهر عليه أعراض المرض، يصفها (نهضت لأتريض قليلاً، وبمجرد وقوفي شعرت بالدوار. اتجهت للحمام، وخطر بذهني أن ألقي نظرة أخرى على ساعدي. حين رفعت كم القميص، أجفلت من المنظر. كانت الكدمة، وقد انتشرت على امتداد الذراع، قاتمة، مزرقة، فاحشة، كما لو كنت مريضًا بشيء آخر غير هذه الوظيفة).

يتابع أسلوب حياته اللامبالي إلى أن يتم تشخيصه بمرض خطير، عندها يجد نفسه مضطرا لاتخاذ بعض القرارات الجادة بخصوص مستقبله الوظيفي ومصالحة المشتركة من عائلته. يترك المرض أثرا واضحا على شخصيته يصف حالته بعض المرض (من المذهل تصور كمية الأشياء التي قد أرغم نفسي على المرور بها فقط كي لا أحتاج لأحد).

أيضا يصف معاناته بأسلوب مؤثر وعميق (لم أعد أميز متي يبدأ الألم الجسدي في أن يصير نفسيا، أو يبدأ الألم النفسي في أن يصير جسديا؛ أيهما يشحذ الآخر؟ كل ما يصيب بدني كان يصيب روحي، أيضا، في اللحظة ذاتها، وبالقوة نفسها، والعكس تقريبًا صحيح).

يستمر في الهروب إلى الأدب، يقرأ الكتب التي تتناسب مع احتياجاته النفسية مثلا يستعين بشخصية الصياد من رواية الشيخ والبحر لهمنجوي ليستمد منه الشجاعة في موقف عَصّيب. يفعل ذلك عوضا عن اللجوء إلى أي شخصية حقيقية في حياته.

ينفس عن ألمه بالاستماع إلى أغنية الملحمة البوهمية التي يحفظ لحنها وكلماتها ويصفها بشغف (أشغل قائمة الأغاني المفضلة؛ لم استمع لها منذ وقت طويل. أتحسن قليلا حين تبدأ الملحمة البوهيمية. بعد دقيقتين تصل الأغنية إلى ذلك المقطع:”فات الأوان، لقد حان وقتي. في ظهري قشعريرة، وجسدي يؤلمني طوال الوقت.“ تغرورق عيناي بالدموع. ثم يرفع ميركوري صوته إلى أقصاه:”أماه لا أريد أن أموت، لكن أحيانا أتمني لو أني لم أولد على الإطلاق.“ وانفجر في بكاء مرير).

تتابع الأحداث ويخوض تجارب متنوعة مع المرضى والفريق الطبي الذي يعالجه. كذلك تتطور علاقته بأفراد عائلته. تحدث مفاجأة تغير مجرى الأحداث وتدفعه لاتخاذ قرار مصيري، يؤدي قراره إلى وقوع الحدث الأخير في الرواية.

عندما انتهت من قرأتها شعرت بحزن من نوع حاض، النوع الذي يصفه الرواي (أنه حزن من نوع آخر هذا الذي أشعر به الآن، أقرب إلى ما تشعر به المرء بعد قصيدة هايكو. ثمة كلمة تختزله في اللغة اليابانية، لا نظير لها في أي لغة أخرى كما قرأت . تُنطق مقاطعها هكذا: ”مونو نو أوير“، وتعني الأسى العذب على زوال الأشياء، أو العطف الناتج عن إدراك حتمية مضيها).

خلاصة

لا تكفي صلة القرابة ولا قضاء ساعات طويلة لتكوين علاقة وثيقة، لأن العلاقات الإنسانية الوثيقة لا تتكون من تلقاء نفسها، أنها تتطلب تقبل وتفهم كل طرف للآخر، وتحتاج إلى تواصل صادق وسعى مستمر للحفاظ على العلاقة. لا يمكن لأي علاقة أن تتكون أو تستمر بدون حرص الطرفين عليها.

رواية الحالة الحرجة للمدعو “ك“ تجسد حالة إنسانية واقعية رغم قسوتها. وتمثل حالة فريدة في السرد العربي. وهي بداية مبشرة للروائي عزيز محمد. وصلت الرواية للقائمة القصير لجائزة البوكر.

 

اسم الكتاب: الحاله الحرجه للمدعو ك.
اسم الكاتب: عزيز محمد.
عدد الصفحات: 271 صفحة.
حجم الملف: 5 ميجا.

تحميل الكتاب


Comments are closed.